نشرت تحت تصنيف خواطر

على حافَّة المائدة …

يضع إصبعه على حافة المائدة الخشبية محكمة الصنع والتي شهب لونها ، يعود بالوراء إلى تاريخ وجودها ،

متى لاحظها لأول مرّة ؟

وكم مرّة بدت له متأنقة بالأقمشة المطرزة بالورود ؟

كم ورقة مصيرية استقرت فوقها ؟

كم إناء تربّع فوقها في الأيام المتشبهات ؟

ما الذي ارتطم بها على مرّ السنوات ؟

لكمات من السخط ، تكتكات الانتظار، تطبيل الأغنيات الشعبية

لقد تنقّلت الطاولة في أمكنة متغيّرة دون أن تختفي رائحة ولائم الراحلين وبعض التائهين ،

مازالت صراعاتهم ملقاة عليها ،

و أخبار من لقوا حتفهم منشورة في صفحات أخبار الجريدة المحليّة قبل أن يختلط حبرها بمواد تلميع الخشب أو تطغى ضجة الخبز الساخن لتخرس فواجع الزمن ،

هذه المائدة التي وقفت على جانبها الأيسر عقاقير الجدة و الدفتر الخاص بأرقامها المهمة ،

أين الجدة و أرواح خِلّانها ؟ أين عناوينها ؟

يسد تلك الفجوات بشيء من التسليم والجزع المُقنَّع بالرضا .

يربّت على صدر المائدة و يتمتم بأذكار المساء ، كيف لهذه القطعة أن تكون أحنّ على الطاهرين من الخشب المسنّدة ؟

نشرت تحت تصنيف خواطر

الفجر الصادق

حين يكتب القدر سقطاتك

تسير معصّب البصيرة مبتور القدرة ،

و يصير مبلغك الذي قصدته راغباً كما توهمت هاويتك !

هاوية تهواها ثم تهوي في لجة عتمتها .

ثم تُفتِّح ليتني أبوابها لتلج الحسرات وهي تولول :

لم غفلت عن نداءات الفجر الصادقة ؟

لم أعرضت حين بسط المعطي يده ؟

ثم يُعندِل خادم إبليس فيرتطم الخيط الأبيض بالخيط الأسود في كيانك ،

فتتجلّى مصاديق العبث ،

فيصير الإعراض عن ظلم النفس جحودا .

ما كانت دساتير السماء محايدة يوماً لعبث الشياطين !

فيا نداءات الفجر الصادق ضميني إلى قوافل النور .

نشرت تحت تصنيف خواطر

في مكانٍ ما …

في مكان ٍ ما امرأة وحيدة ونساء عدة ،

و خيوط من ولاءات الخضوع ،

تعيد أمجاد النجوم السالفة ،

و حقول كامتداد يشبه الزمن ،

كثيف حين ولادة سنبلة ،

و عقيم عند احتضار الايقاع !

فيما يشبه المساء :

تشرع الوحيدة في محرابها بحياكة أردية الذكرى ،

تنفرط بكرة الصوف و كأنها ترجو المدد !

تبتهل الشاردة عند إدبار شظية بائدة ،

تعيد تراتيل الطفولة في ليلة لا يشيخ فيها القمر !

تنام على وسائد الصِّبا ،

تستولد روحها من الفجر الأول .

التقاطة هادئة في ٢٠١٨
نشرت تحت تصنيف يوميات

إغفاءة … في زاوية هادئة 💤

تواجه العرف السائد ولو بغير قصد،
فيلفظك محيطك ،
و تعيش عزلة قسرية نتيجة حالة رفض معينة …!
تشتد حالة الانعزال في وسط محيط،
تعكس حالة العزلة عليك أمور عدة :
انقباض في الصدر،
انفصال لا شعوري عن المكان و الزمان،
تشويش حتى في الرؤية ….
قد تتلاشى تلك الأعراض الجاثمة بمجرد الابتعاد عن وسط لا يقبلك،
فتعود إلى روحك …
تتفقد ما ظل بها من نقاء بعد كل اجتماع فقير تفوح منه سوء الظنون و يتفشى فيه الغباء !
الآن تضع يدك على قلبك ،
تطرق أبوابه ليعكس صداه الاطمئنان في نفسك،
الآن
لك مطلق الحرية في اختيار الحضور أو الغياب،
و تحديد من تود أن يلقي بظلاله الحانية على حياتك،
للروح حق إطلاقها متى شاءت و كيفما شاءت …!
بالنسبة لي …
و من قلب عزلتي،
و بعد أن قمت بتخصيص هذه الكلمات لقلَّة أعتقد أنهم يحترمون مشاعري،
كما أعتقد أن نقل تفاصيل هذه العزلة تروق لهم …!
أنا الآن حاضرة بمحض رغبتي ضمن حدودي ،
لا أحد يفرض علي شروطه ولن يطردني أحد إلى عزلة قسرية!
أنا الآن أزهو بتفاصيلي السخيفة .
إن العزلة قسرية كانت أو اختيارية أحب إلى قلبي من لقاءات تطير فيها اللحظات في لاشيء حقيقي،
إن العزلة ولو حجبت عني بعض المتعة في اللاشيء تبقى أفضل من مجالسة لا تركز إلا على القشور…!
أنا امرأة متقلبة المزاج،
جالبة للكآبة في معظم الأوقات …
صدرها مازال مغلق ينتظر صديق يفك شفرة رقمه السري ،
فتنفك معه أغلال كثيرة ……

إلى هنا
تنتهي الغفوة و استيقظ !

الصورة الجميلة من كتاب All For Love ( A RomanticAnthology ) by : Laura Stoddart
نشرت تحت تصنيف قراءات

من وحي خــاتم

أقرأ رواية خاتم للكاتبة رجاء عالم تتناول صفحاتها الأولى الإنجاب و الرضاعة بتفاصيل اللذة التي تشعر بها الأم التي لا يفارق وليدها جسدها بعد انفصاله عن أعماقها بالالتصاق بها من خلال الرضاعة،

ليلة دخلوا المدينة خافوا أن يلقموه ثدي زين خشية أن تنتقل الحمى لرضيعها محسن ، لكن بكاءه شق صدور الرجال ، حشرجة أقفلت الحناجر فتعذّر على الرجال تبادل عبارات الترحيب ، يبكي سند و لا يُقبِل على ثدي و لا ماء ….

و عن انقباضات الرحم التي نجبر على معايشتها بكامل وعينا ،

تحتها دائرة بياض من إحرام مكرّس للولادات ، في نسيجه ذكرى كل من عبر رَحِم سكينة لدنيا الفناء.

و ثواني آلام ما قبل الولادة التي لا تشبه من ثقل ما تحمله أي ثانية تمر على الإنسان الطبيعي!

مازلت في البداية لا أُميِّز جنس المولود الذي تخفيه الكاتبة لتحقيق أهم أفكار القصة

ما حرّك قلبي من هذا كلّه هو الرغبة في إنجاب صبي بسبب فناء الأولاد في تلك الفترةالتي لم أميّزها كذلكبسبب الحروب ،

ثارت الأم بداخلي أثناء القراءة شوقاً لاحتضان طفل !

أغلقت الكتاب الذي لم أتمكن من تجاوز صفحاته بسهولة،

لبديع استخدام التعابير فيها الصوت و اللون مما أثار حواسي كلها حتى صرخت أمومتي …!

ذهبت لأداء الصلاة و في قلبي أمنيات تنتظر الطيران إلى السماء لتغمرني فيما بعد فيضًا من عند الله الكريم ،

أطلقت دعواتي بإلحاح يرن بلا هوادة حتى ضخّت تلك الدعوات في روحي طمأنينة لم أشعر بها من قبل نحو الإنجاب و مخاوفي المواظبة على إشعال الرعب في نفسي من مشرط العملية القيصرية ،

حتى الآلام التي ولَّت و التي ظننت أنها طويت مع الذكريات،

عادت من سفرها لتذكيري بأن للأمومة ثمن يقتطعها الألم من صحتي و جسدي

إلهي شتت شمل مخاوفي،

و أكرمني بالأمومة مرّة أخرى.

التقاطة من أحد المعارض الفنية في لشبونة
نشرت تحت تصنيف قراءات

قراءة لقصيدة “أريد أن أموت ” للشاعرة: آن سكستون

قصيدة ظاهرها تمنّي الموت !

كتبتها الشاعرة لتتحد مع قارئها في تصوّر ما بعد الرحيل .

للقصيدة أكثر من قراءة ، فإما أن تقرأها كحوار بين الشاعرة و معالجها النفسي ، أو تتلقاها كأي قارئ دوغمائي ، الخيار لك !

بدأت القصيدة بحالة تيه أمام زخم الأفكار ،

و لم تتطرق في بادئ الأمر لمفردة الانتحار و لكنها لمّحت من خلال وصفه بالشبق أو اشتهاء الموت !

و قد اختارت حالة الشبق لتعارض غزيرة الانسان في البقاء ، و ليكون بذلك مرادف الاعتلال النفسي.

ثم انتقلت بعدها لترسم موقفها من الحياة ضمنياً عن طريق ذكرها للأعشاب التي ترمز للتجدّد ، و قطع الأثاث الخشبية التي ترمز للاستقرار .

تنتقل بعدها للتعمق أكثر في فكرة الحياة بذكر نقيضها ، و الانتحار هنا سبب كبقيةالأسباب لذلك يطل علينا النجّار بأدواته المختلفة و لك الاسترسال في تشبيه سعيك لبناء سعادات أيامك دون النظرلما وراء دوافعك .

تكشف آن سكستون رؤيتها للموت الذي اختارتها عندما غابت عنها فطرة البقاء ، و لأن السلوك الانتحاري مختزل في العقول المعتلّة ، فهي تحارب شبح التلاشي بتحديد موعده ؛ أي أنها تواجه حتمية الموت باختيارها .

و تترك بعدها أمور كثيرة يصعب علينا انهاؤها كالحب ، لذلك انتهت القصيدة على هذا النحو :

أمّا الحُب ، مهما كان، فهو بَـــلاء !

‏and the love whatever it was, an infection.

وقد كتبت قصيدتها للإجابة عن سؤال : لماذا تريد قتل نفسك ؟

اخترت هذه الأبيات من قصيدةأريد أن أموت

لأنها تتحدث عن مباغتة الموت الذي يترك وراءناالكثير من الأمور اللامنتهية ، اخترتها لأني أؤمن بأن الأبواب المواربة خطرة و لا بد أن تغلق لكي ينتهي أمرها قبل أن ننتهي و تظل كما هي !

في القصيدة معانٍ أعمق بكثير من سطحية السؤال عن الموت !