يضع إصبعه على حافة المائدة الخشبية محكمة الصنع والتي شهب لونها ، يعود بالوراء إلى تاريخ وجودها ،
متى لاحظها لأول مرّة ؟
وكم مرّة بدت له متأنقة بالأقمشة المطرزة بالورود ؟
كم ورقة مصيرية استقرت فوقها ؟
كم إناء تربّع فوقها في الأيام المتشبهات ؟
ما الذي ارتطم بها على مرّ السنوات ؟
لكمات من السخط ، تكتكات الانتظار، تطبيل الأغنيات الشعبية …
لقد تنقّلت الطاولة في أمكنة متغيّرة دون أن تختفي رائحة ولائم الراحلين وبعض التائهين ،
مازالت صراعاتهم ملقاة عليها ،
و أخبار من لقوا حتفهم منشورة في صفحات أخبار الجريدة المحليّة قبل أن يختلط حبرها بمواد تلميع الخشب أو تطغى ضجة الخبز الساخن لتخرس فواجع الزمن ،
هذه المائدة التي وقفت على جانبها الأيسر عقاقير الجدة و الدفتر الخاص بأرقامها المهمة ،
أين الجدة و أرواح خِلّانها ؟ أين عناوينها ؟
يسد تلك الفجوات بشيء من التسليم والجزع المُقنَّع بالرضا .
يربّت على صدر المائدة و يتمتم بأذكار المساء ، كيف لهذه القطعة أن تكون أحنّ على الطاهرين من الخشب المسنّدة ؟