أقرأ رواية خاتم للكاتبة رجاء عالم تتناول صفحاتها الأولى الإنجاب و الرضاعة بتفاصيل اللذة التي تشعر بها الأم التي لا يفارق وليدها جسدها بعد انفصاله عن أعماقها بالالتصاق بها من خلال الرضاعة،
ليلة دخلوا المدينة خافوا أن يلقموه ثدي زين خشية أن تنتقل الحمى لرضيعها محسن ، لكن بكاءه شق صدور الرجال ، حشرجة أقفلت الحناجر فتعذّر على الرجال تبادل عبارات الترحيب ، يبكي سند و لا يُقبِل على ثدي و لا ماء ….
و عن انقباضات الرحم التي نجبر على معايشتها بكامل وعينا ،
تحتها دائرة بياض من إحرام مكرّس للولادات ، في نسيجه ذكرى كل من عبر رَحِم سكينة لدنيا الفناء.
و ثواني آلام ما قبل الولادة التي لا تشبه من ثقل ما تحمله أي ثانية تمر على الإنسان الطبيعي!
مازلت في البداية لا أُميِّز جنس المولود الذي تخفيه الكاتبة لتحقيق أهم أفكار القصة …
ما حرّك قلبي من هذا كلّه هو الرغبة في إنجاب صبي بسبب فناء الأولاد في تلك الفترة –التي لم أميّزها كذلك– بسبب الحروب ،
ثارت الأم بداخلي أثناء القراءة شوقاً لاحتضان طفل !
أغلقت الكتاب الذي لم أتمكن من تجاوز صفحاته بسهولة،
لبديع استخدام التعابير فيها الصوت و اللون مما أثار حواسي كلها حتى صرخت أمومتي …!
ذهبت لأداء الصلاة و في قلبي أمنيات تنتظر الطيران إلى السماء لتغمرني فيما بعد فيضًا من عند الله الكريم ،
أطلقت دعواتي بإلحاح يرن بلا هوادة حتى ضخّت تلك الدعوات في روحي طمأنينة لم أشعر بها من قبل نحو الإنجاب و مخاوفي المواظبة على إشعال الرعب في نفسي من مشرط العملية القيصرية ،
حتى الآلام التي ولَّت و التي ظننت أنها طويت مع الذكريات،
عادت من سفرها لتذكيري بأن للأمومة ثمن يقتطعها الألم من صحتي و جسدي …
إلهي شتت شمل مخاوفي،
و أكرمني بالأمومة مرّة أخرى.
