نشرت تحت تصنيف خواطر

مقابــِرُ النَّـدى

غابت نشوة الأماني الأولى ليلة زفاف المعروف ،

فغدا الحب قرينه ،

و استوى الذُّل على سرائره ،

تواترت العطايا عواصفا

احتضرت فصول الورد

و فرَّت أسراب العصافير

و لم يتبق من حدائق الهناء

سوى أستار الزمن القديم

التي أثارت جموح الحيوان .

تجلَّت عند حظائر الثورة شيخة المغدورين ،

تجرّ حبال الجمائل

تدسّها عند باب الحقل النائم ،

تقلب سترة الأبجديات ،

تبتهل للفضاءات العلى ،

لتنبض قطرات الندى .

تحت سماء لوس أنجلوس ٢٠١٨
نشرت تحت تصنيف قراءات

موقف من كتاب مشاق الأمومة

آخر صفحة توقفت عندها في الكتاب ، كانت إحدى الأمهات تفكر في حال أولادها لو أن الموت خطّفها مبكراً منهم !

هذه ليست دراما هذا إحساس بالمسؤولية تجاه الأبناء ، هذه هي الأمومة الطبيعية ، حب لا ينتهي إلى الأبد … أعرف سيدة توفيت قبل سبع سنوات بعد أن تحولت الكتل الليفية في ثديها الحنون إلى أورام خبيثة ، من ثديها الذي ياما احتقن و أرتعش عطفاً على أبنائها، حتى فتك السرطان اللعين بجسدها الذي استجاب كثيراً لمتطلباتهم … في أيامها الأخيرة بعد أن هزمها السرطان الخبيث، و قبل أن تنام إلى الأبد و تترك بيتها الجميل الذي لم يكن كذلك لولاها ، طلبت من زوجها أن لا تدخل امرأة بعدها في بيتها ، أن لا يحمل رائحة امرأة بعدها، أن لا يمس أحد ترتيباتها …. ماتت رحمها الله ، ورفض الأبناء دخول زوجة الأب للبيت ، ولم يرفضوا زواجه … فاتّهموا بالأنانية ، عقوق والدهم ، قلة التربية ، لم يتفهم أحد موقفهم !
هذا الأمر يُرهق كل أم مخلصة ، عدم قدرتها على مواساتهم -كما كانت تفعل دائماً- لأنها ماتت !
قد يُبدّلها الزوج بأخرى لتستمر حياته ، و لا بديل لها عند أبنائها ، ولن تستمر حياتهم بنفس الروعة بعد وفاتها .

نشرت تحت تصنيف خواطر

الإمساك بالزَّمن !

الظروف تدرسنا كيف نولد حشدًا غفيرًا من الدلالات بكلمات قليلة

للعزيزة إيليف شافاق

حساسيتي المفرطة من أن أكون مصدر إزعاج ،
أو أن تكون أحاديثي غير المهمة كالعبء على أحدهم،
تجعلني أنتظر لحظة نهاية اليوم حين أنتهي من أعمالي و أتفرغ لكتابة موقف لا يحمل أي أهمية حقيقية سوى الإمساك بالزمن …!
في هذا اليوم بهذا التاريخ و في هذا الوقت
ما الذي حدث ؟!!!
هنا تكمن متعتي الحقيقية في الاسترسال بذكر موقف أو حتى شعوري نحو الموقف ولو كان تافهاً في اللحظة التي يغرب فيها الوعي عن عقلي ” قبل النوم ” !
أتخيّل لو أني لن أستيقظ غداً لأشعر بجمالية اليوم الفائت و ما بعده و حتى الروتين !
لا يجب أن أدوّن موقفاً في حياتي بواقعية و عقلانية ،
فالخيال حتى الثمالة أعذب بكثير من سرد ما حدث في الواقع القاتل …!
أستحي والله أن أتحدث مع أحد مثلاً :
عن طريقتي في شطف الأرض و متعتي الرهيبة بهذا النشاط
الذي أقوم به على مرحلتين لأَنِّي بذلك أتنعّم بصفاء الذهن …!
رغوة الصابون مع انسكاب الماء و رائحة النظافة المتطايرة في البيت ،
هذا الفعل يوقظ حواسي كلها و يجعلها في أحسن حال !
هذا أمر غير جدير بالذكر و لو امتلأت به نفسي،
أمور لا تحتملها سوى ملاحظات الهاتف، أو دفتر يومياتك الخاص … دفترك يحتمل ما لا يسعه قلب بشر !

النرويج ٢٠١٩
نشرت تحت تصنيف خواطر

إلى سيدتي الراحلة …

‏مدخل المبنى القديم الذي كنت أحضر فيه دورة تدريبية لمعلمات اللغة الإنجليزية .

‏لم أرَ هذا الكرسي في الأيام الفائتة !
‏افي عز نشاطي و شعوري بالرضا وقعت عيني عليه ، تذكرت آخر أيام جدتي الله يرحمها، أحسست بالدوار لوهلة مع روائح البخور الصارخة في المبنى مخلوطة بالقهوة العربية…

أعرف أنه يجب علي أن أتجاوزهذا كلّه،
‏لكن كل شيء في هذا المبنى صار يذكرني بها!
‏أصوات مكيفات الويندوز القديمة،
‏أشكال السيدات هنا تقليدية للغاية يشبهن السيدات اللاتي رأيتهن في طفولتي عند جدتي، طاولة الضيافة بمحتوياتها البسيطة التي لا تشبه تكلفّنا اليوم ذكرتني بضيافة جدتي في صحته،

ليتني لم أنتبه للكرسي المتحرك حتى لا أُفزِع حزني النائم !

‏رحم الله جدتي و كتب لي معها لقاءات أحلى مما اختتمت به حياتها في الدنيا .

نشرت تحت تصنيف قراءات

قراءة مختصرة جداً لأنشودة المقهى الحزين للكاتبة الأمريكية : كارسن ماكلرز

قصيرة جداً بفصولٍ متعاقبة ،

و أزمنة متغيّرة ،

مكان متهالك ،

امرأة حادّة المزاج و غليظة

ثم يتلألأ المكان ،

و تبعث فيه الروح من جديد ،

فتتزيّن الجمادات ،

و يغدو كل ركن في المكان جميل.

و تصير الآنسة أرق و أكثر تألقاً،

تنجح و قلبها ينبض حبا على نحو غريب و غير متوقّع ،

حبّ نادر و دون حد لذات الآخر ،

دون شروط أو مقاييس ،

حبّ يقلب الحياة حتى تنتهي إلى مأساة ،،،

قراءة ممتعة على الرغم من كآبة الجو العام في القصة .

القصة من ترجمة علي المجنوني

“لم تكن الزينة و الدفءُ و الإضاءة وحدها ما جعل من المقهى ماهو عليه . ثمة سبب أعمق جعل المقهى ثميناً بالنسبة إلى هذه البلدة. وهذا السبب العميق له علاقة بكبرياء معيّن لم يكن معلوماً في تلك الأرجاء حتى هذه اللحظة ، و لفهم هذا الكبرياء الجديد لا بد من تذكر رُخص الحياة الإنسانية”

نشرت تحت تصنيف خواطر

كآبة الشفق …

يا هفوات الصِّبا

يا صَبْوَة الغريق

يا حشود الحِصن

يا ترنيمة الصبح الأليق ،،،

تحلّقت حولي التمائم حين صدق الفجر ،

و التفت ساقيّ ابتلاءاتي بمسرّاتي ،

تلاشت دساتير روحي فعدت لأول سطر ،

أنساب في أقباء الموت و أقلّب على أطلال القبور حيواتي ،

أبتلع الآهات في منتصف الشفق ،

أبتهل للساعة الافلة ،

أصبُّ قرابين حنيني

تلهو نجمتي بأطياف الغروب و ألوانه ،

فينتابني سكون الظلام .

التقاطة من أعمال Johanna Stickland ، لشبونة ٢٠١٩